Sunday, January 21, 2024

حيث في كل خطوة قمر مكسور*

 لقد بدأنا نعرف ما معنى الزمن

عندما نعود إلى البيت وحيدين

متشابكي القلوب والأصابع

بدأنا نعرف ما تعني الصخور النائمة في البحر

الشمس النائمة في السماء

والأغاني النائمة في المقبرة

بدأنا نعرف لماذا ننام ونأكل

ونسير في الشوارع بلا هدف

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

حيث في كلّ كلمة قبلة مذبوحة

حيث في كلّ (صباح الخير) طلقة مخبأة


*من قصيدة "حيث في كل خطوة قمر مكسور" لرياض الصالح الحسين.

Thursday, January 11, 2024

مشاهد معتادة



أنام كل ليلة وأنا أتمنى أن أنسى كل شيء في الصباح التالي. أستيقظ كل يوم وتتعلق عيني بسقف الغرفة لنصف ساعة، لا أتمكن من الحركة، وأقول بهدوء هذا هو موسم الخسارات، عندما يتحول يوم عادي جدا لمأساة إغريقية.

صباح اليوم، استيقظت ورددت بصوت مسموع، أحب المعجزات، لربما تحدث معجزة ما تعيد لي توازني.. وقبل أن أتحرك للعمل، قررت أن أكون سعيدة.. 

في المترو، اختار عربة السيدات، هذا ما عودتني عليه بلادي، ليس بحثا عن أمان ما، بل تجنبا للخوف.

نواياي كانت طيبة لكن حظي سيئا، دخلت العربة، فرأيت امرأة في ظهرها سكين، ودمها يملأ الأرض، تتحاشاه النساء عبر القفز على أطراف نعالهن.

كانت المرأة، سأسميها س، كانت س تسند راسها على عامود بمنتصف العربة، وتهمهم بينما تقع من عينيها دمعة بين حين وآخر تشق بركة الدم المنهمر، وضعت يدي على كتفها وعرضت مساعدتها، فرفعت وجهها ونظرت لي، حينها قفز قلبي فزعا.

في المحطة التالية قفزت خارج العربة ورحت أقلب يدي وأقرص نفسي لأستيقظ..

تقول أمي إن حلمتِ بكابوس اغرسي في اصبعك ابرة، أنا أخاف الكوابيس وأتوه فيها، فكنت أضع في مخدتي كل  ليلة إبرة تجنبا لألم الأحلام المرعبة.

بعد أن قفزت من المترو قرصت نفسي، أشعلت سيجارة وأطفئتها في كف يدي، وأدخلت إبرة كاملة في إصبعي الإبهام، لكني لم أستيقظ وصرت اتألم أكثر من ندوب سببتها لنفسي.

تقول طبيبتي، لابد أن تنامي، أخبرها أنني أرى كوابيسا مرعبة وكلما اوشكت على الموت داخل متاهة الحلم، انتقلت لحلم آخر، وكلما وجدت من ينقذني، يضيع فجأة في سديم لا نهائي.. 

في العمل، في غرفة التسجيل، جلست على كرسي مقابل زميلي ف انتظار أن ينهي عمله على تقرير ما ليعطيني اشارته ويخرج صوتي مناسبا للصورة، لكن قبل أن ابدأ، قال لي زميلي أترين تلك الخطوط، وكان يقصد اهتزازات الصوت على الشاشة، والتي خرجت غير متناسقة تماما، يصعد الصوت فجأة وينطفئ فجأة، قال هذه كارثة أمر مرعب ولا يمكنني التعامل معها.. قلت له لا تقلق اهتزازات صوتي أضعف من هذا الرعب، وأكثر ألما من أن تسبب كارثة..

في فترة الراحة من العمل أدخن الكثير من السجائر، أرسم بين ندوب جسدي خطوطا للخروج من متاهاته المؤلمة، لكن لا أصل، استمر في الركض، وكأن خلفي شبح، وعندما أعجز وأنظر للسماء، تختفي..

أفكر كثيرا لما لا يختفي الألم، أو لماذا لا نختفي نحن، عندما يصل بنا لحد غير محتمل...

أقول لطبيبتي، هناك أمور لا أعرف كيف أشرحها تماما، إحساس غامض يسيطر علي، كأن أرى الورق الأصفر يتساقط ويملأ الشوارع فأجلس على ناصية ما وأبكي، أو أرى امرأة وحيدة في المقهى تقرأ كتابا عن الحب فأربت على كتفها.

الفزعة تقبض على قلبي، أضع يدي على الناحية اليسرى لصدري وأضغط بشدة كي لايترك جسدي ويغادر.

في الشوارع تعلمت عد بلاط الأرصفة، أتحرك كسيزيف، على ظهري حجرا فلا أرفع رأسي كي لا يرى العالم السماء تتساقط من عيني.

11 يناير 2021