Friday, March 13, 2009

إبهــام


أخرج دفتري وقلم وأشعل الموسيقى ، أطفيء نور الحجرة وأضيء نور الأباجورة

الحمراء التي تجاور السرير كنت أفكر أن أجعلها جوار سريري في منزل يخصني

وحدي ، أحاول تذكر الكلمة التي كنت أنوي أن أفتتح بها نصّي الجديد فتتناوب عليّ

الخيارات ..أراك الآن ؟....لا كانت نعم أنت هنا وهناك .... لالا كانت في أول الحلم

..................

ربما

هكذا أبدأ ..هل ترى ..نصف رعشة ورجفة القلب ودمعة مخنوقة . ثم ؟ لا شيء فقط

انتظارالسيدة التي تسكن فوقنا دائماًما تُنزل سَبَتاًمن الخوص معلقاًفي حبل إلى صاحب

محل البن أسفل العمارة فيضع به كيساً من البن وكيساً مليئاًبأنواع مختلفةمن الشيكولاته

كنت أتحجج في البدايةوأقترب من حبل الغسيل لأرى ماذايحوي السَبَت لكن عندماتكررت

الحكاية ابتعدت عن حبل الغسيل ورحت انتظر يوميا كل صباح ومساء رائحة قوهتــها

الرائعة

السيدة التي تسكن فوقنا وحيدة .... زوجها مات وليس لها أبناء .. تغادر شقتها كل خميس

صباحا لتزور قبر زوجها وتشتري أنواع مختلفة من البخور ... كلما رأيتها من البلكونة

عائدة نزلت مسرعة كي أقول لها

صباح الخير يا طنط " وأمضي في تمهل "

لأسمعها " صباحك سعيد " أتنفس صوتها المتمهل وأمضي إلى بائع الشيكولاته

............

كلما حاولت أن أتذكر ما الكلمة التي كنت سأبدأ بها كلامي نسيت وكلما حاولت أن أتذكر

أحاول أن أنسى أني نسيت كي أتذكر ولكني أبدا لا أفلح .... أخرج طلاء الأظافر وأذهب

ناحية البلكونة في الواحدة ظهراً ، أضع علبة طلاء الأظافر السوداء على حافة البلكونة

وأخرج مبردي .... أضع الكرسي في مواجهة سور البلكونة أرفع قدميّ وأخرج الريشة

بلونها الأسود اللزجوأبدأ بأظافر قدمي خنصر .. بنصر ... إذاعة الأغاني ترتفع بصوت

عبد الوهاب من بلكونة السيدة التي تسكن فوق شقتنا

"ياريت هنانا دام لنا

أستمتع بصوت الراديو العالي .. أكمل طلاء أظافري وسطى ... سبابة .. إبهام

ترى لماذا كان إبهاماً ؟ ما الذي تخفيه عني سيدة الدور العلوي .. ولماذا أتخيل أنها

تعرفني وتعرفك ؟ مبهم أنت كاسم اصبعي .. أضحك ضحكة قصيرة وأبعد قدميّّ عن

بعضهما وأخرج كفيّ قدميّ من بين قضبان سور البلكونة

..وأبدأ بيدي اليسرى ..خنصر .. بنصر .. وسطى

طظ في الدنيا .. كلما رأيتني قلت لي " قبلك كان طظ في الدنيا .. وبعدك طظ في الدنيا

.. معكِ لا أرى سوى عينيك " أضحك وأخبرك " يبقى طظ في الدنيا " يمتزج ضحكي

بقهقهتك ويرتفع صوت جارتي بقولة آآآآآآه مع جملة

" نسيت معاك كل الهموم وقلت ليّ ياريت يدوم ياريت يدوم

أكمل طلاء أظافري .. سبابة .. إبهام أرفع كفيّ أمام وجهي وأملأ فمي بالهواء وانفخ

في أصابعي ... ويكمل الصوت

"مرديتش يومها تقولي..إيه اللي قصدك يدوملي..الود..الصبر..البعد..ياريت هنانا دام لنا "

ما المبهم ؟ ولما أنسى بداية الكلام وبداية الكتابة التي كلما تذكرتك نسيتها السيدة التي

تسكن فوق شقتنا تغلق الراديو في الواحدة والنصف وأسمع صوت شد شيش بلكونته

انتفضتُ من شدتها القوية للشيش .. أخرجتُ الريشة التي غُمستْ في طلاء أظافري
الأسود

وكتبت بها

" واللي جمعنا سوا ؟ كان صدفة ولا هوى ؟ "
...........
اللوحة
Expectations
لكاري جربر