Friday, November 15, 2024

عصاة سحرية


*


ترى ابنتي الصغرى العالم إما أبيض أو أسود، مع ذلك 
تصدق في السحر، عندما أنجز بعض الأشياء بشكل سريع، تقول لي هل تملكين الماجيك واند، فأخبرها لا فقط اتحرك مع عقارب الساعة، مع ذلك عندما يخفت الضجيج من حولي أتربع على كنبتي وأجلس دون حركة، فتخبرني الكبرى تحبين الكنبة أكثر منا جميعا، هذا وأنا أوصلهم إلى التمارين وأعياد الميلاد وتجمعات الأصدقاء وأحكي حدوتة قبل النوم، أو أغني تهويدة ما، بجانب عملي 11 ساعة يوميا, ضيفوا إليها نصف ساعة ذاهابا وأخرى إيابا، ليصبح المجموع نصف يومي كاملا بعيدا عن جلستي على كنبتي الحبيبة، أرسل إيميلات استفهام للمعلمين أو غضب من تقاعسهم في التعامل مع التنمر، أو أختصر الكتابة ليجدوني أمامهم في الاستقبال لأفهم تأخرهم في الرد على استفساراتي.
أحيانا أتحدث مع أصدقائي بشكل يومي أشاركهم هلعي وأحيانا أنسى أن لي أصدقاء، فألتزم الصمت.

في السنوات الأخيرة، صرت أجلس في منتصف اليوم أو نهايته عندما يخفت الضجيج، دون عصا سحرية، أشرب مشروبا مفضلا وأسمع الموسيقى أو أشاهد فيلما ما، كل ذلك وأنا أعد الجمل والكلمات التي نسيتها أو أكلها قاموسي الذهني.. 

سيصيبني الزهايمر يوما ما، أعرف ذلك يقينا دون إضافة أي دراما على الأمر، فقط أنتظر اللحظة التي أنسى فيها كل شيء مهما كانت قسوة التبعات

لم يعد هناك ما يهم
ربما
لم تعد كل الأشياء تعمل معا للخير
فقط
لتدارك اللحظة واستمرار الرتابة
حتى الألم لا يهم

لم أحك عن المرة التي قررت فيها أن أضع حدا للألم، هذا الوجع الذي يضع وضع محل القلب حجرا، عدم القدرة على البكاء، هذا الصمت اليائس، كأن شيئا لم يكن.. يومها، يوم قررت أن أغمض عيني للمرة الأخيرة وفشلت، أيقظتني يد غير التي أرغب، لكنها على الأقل أيقظتني، يومها لم أبك، ظلت معدتي تؤلمني لأيام، تماما كما تؤلمني فكرة أن قدرتي على اليأس تضاعفت، واستبدلت الأمل بهكذا بساطة..

أنا في نهاية اليوم، دون عصاة سحرية، جعبتي خاوية من أي حواديت، ولم يعد لدي القدرة على البكاء على ما ضيعناه، وقلبي مربوط بحجر.. فقط أرغب في أن أجلس على الكنبة في نهاية اليوم حين يخفت الضجيج تماما، أسمع تهويدة ما تخبرني بألا أحزن..
١٥ نوفمبر ٢٠٢٤
*Random painting from the internet